قالت عن نفسها وأكاد أجزم بأن ما قالته يتعلق بكل النساء بغض النظر عن فارق الخنوع أو التمرد خاصتهن: أنا لست أرغب في أن يخترق حياتي ذكر.
وإن كان لا بد فليكن رجلا، فما أكثر الذكور! كثيرون هم الذين يعانون من ارتفاع مستوى الذكورة التي تقودهم للهاث وراء أي امرأة وتدفعهم للاستزادة والتنويع رغبة منهم في تأكيد ذكورتهم، لكن يندر وجود الرجال.
قلت: ومن هو الرجل بحسب تصورك وأي الصفات التي إن اجتمعت ارتقت بالكائن من ذكر إلى رجل؟
قالت: وهى نموذج المرأة المؤكدة لذاتها والمعتدة بنفسها:
أريد رجلا لا أشعر معه بأنني كالمكرهة على العيش في العراء، أو الوقوف على سطح بيت آيل للسقوط في ليلة عاصفة.
وليس من حولي قشة لأتعلق بها طلبا للنجاة، إن بعض من يظنون بأنهم رجال قد لا يحفزون في خيالي سوى تلك الصور إذا ما عرض أحدهم فكرة الارتباط بي.
قلت: وهل تخبئين في داخلك امرأة شرقية الطباع؟ امرأة لا تختلف كثيرا عن أمهاتنا وجداتنا؟ امرأة لم تزل صورة الشريك في وجدانها صورة ذاك الفارس أو البطل؟
قالت: نعم، وهل بإمكان أي منا أن تنتزع تلك الصورة من وجدانها؟
كلهم يعتقدون بأنهم رجال فمفاهيم الفروسية والبطولة والنبل والشجاعة قد تشوهت وانقلبت مقاييسها.
أحدهم قد يجد في عدد النساء اللواتي استطاع أن يوقعهن في الشرك مقياسا لرجولته.
وفي حقيقة الأمر هذا لا يصح أن يكون سوى مقياسا لذكورة مضطربة، وآخر قد يجد في القوة العضلية وملحقاتها مقياسا لرجولته.
أما النبل والشجاعة والإقدام فلم يتبق منها سوى بعض ما قد يستطيع أحدهم تقمصه لإتمام متطلبات دور مؤقت ولتشكيل قناعة مزيفة لدى الطرف الآخر رغبة في تطوير العلاقة ليس إلا.
قلت: إذن الأغلبية ذكور يجيدون تقمص الدور وغالبا ينجحون في إقناع الإناث بأنهم رجال، ألا تعتقدين بأن ثمة خلل في النساء أيضا؟
بمعنى هل يدرك الذكور أن متطلبات الإقناع والإقدام وحتى اتخاذ قرار بأن تكون إحداهن شريكة حياة لا يتطلب أكثر من إتقان متطلبات دور؟
قالت بمرارة: نسبة كبيرة من النساء يتنعمن بالسذاجة والسطحية ولحسن حظهن إنهن غير مدركات أيضا للفوارق بين الرجل والذكر.
فكل شريك هو رجل أما مقياس الرجولة فقد لا يتعارض بالمطلق مع المقاييس المبتدعة لكن ما قد يضاف إليها هو أن يكون صوته جهوريا وقد لا يكون هناك مانعا من استخدام الضرب أو التهديد به.
انتهى الحوار ولم ينته، تحدثنا عن الذكور لكن بقى استفسار: ما هي الرجولة ومن هو الرجل؟
هل هو في ذهن المرأة الشرقية من يمثل مفاهيم القوة والشجاعة والنبل لكن بعنف أو دونما عنف والشجاعة والإقدام وإن كانا موقوتتين أو غير موقوتتين؟ وهل ثمة صورة محددة توضح معالم الرجولة أم أن لكل ليلى فارسها حتى وإن بدا مختلا؟
الكاتب: د. ميساء عبدالله قرعان
المصدر: موقع المستشار